نظم القناعة فيمى روى له الجماعة
الحمد لله الذي رفع قدر العلماء، وجعلهم بمنزلة النجوم في السماء، أحمده على ما أسبغ من النّعماء، وأجزل من العطاء، وأسبل من الغطاء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، المتفرد بالعظمة والكبرياء، شهادة موقنة خالصة، ما لقي اللهَ بها عبدٌ يوم الجزاء إلا أوجبتْ له الخلودَ في دار البقاء، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله إلى جميع من يستقل على الغبـراءِ، ويستظل بالخضراء، صلوات الله عليـه وسلامـه دائماً مستمراً ما اختلط الظلام بالضياء، وما انفلق الإصباح عن غرة النهار وأعلن الداعي بالنداء، ورضي الله عن الصحابة أجمعين.
أما بعد:
فلا يزال العلمُ ـ بفضل الله ـ رَحِماً بين أهله، يصل المتقدمَ بالمتأخر، ويربط أهل المشرق بأهل المغرب، ويجمع العقول والفكر عليه، فترى في كل عصر نوابغ من العلمـاء يرفعون عمـاد الدين، وينشرون راياته، ويقومون به علماً وعملاً ودعـوة وجهاداً، فبـدعوتهم يهتـدي الزائـغ، ويسترشد الحيران، ويرتدع الفاجر، ويرعوي أهل الطغيان.
ولم تهـدأ عقـول أبناء الأمـة عصراً من العصور، ولم تفتر قرائحُ المبرزين من العلماء عن الإجادة في كل فن، فمع كل قرن تطلع شمسه على هذه الأمـة نرى أعلاماً من العلماء يجددون حركـة الفكر والعلم، فيأتون بالمؤلفات الفريدة، والمصنفات البديعـة، يتممون بها عمل من سبقهم، ويزيدون عليها تحريراً وتنقيحاً وتدقيقاً، ويلبسونها حلة جديدة، لتزهـو مكتبتنـا الإسلاميـة بعرائس زَيَّنَتْها قرائحُ الأفذاذ، وأنجبتها مُهَجُ المبدعين من العلماء.
ومن أكثر العلوم رواجاً في العصور المتقدمة علمُ الحديث بفروعه الكثيرة، حتى إنك لتجد مصنفات هذا العلم تستحوذ على السواد الأعظم منها، فمِنْ كُتُبِ متونِ الحديث، إلى الأجزاءِ الحديثية، إلى كتب الرجال والجرح والتعـديل، إلى كتـب العـلل، فمصطلـح الحديـث، فغريبـه فأحكامه... وهكذا لا تكاد ترى لهذه السلسلة من نهاية.
ومن فروع علم الحديـث المهمـة علم الرجـال، أو علم الجـرح والتعـديل، ذلك الفـن الذي تخصَّص في دراسة أحوال الرواة، وذِكْـرِ مناقبهم، والحُكْمِ عليهم بمقياس العدالة والضبط.
ومن أشهـر كتب الرجـال التي ظهـرت في القـرن الثامن الهجري كتاب: ’تهذيب الكمال‘ للحافظ المِزِّيِّ، الذي هذبه من كتاب ’الكمال في أسماء الرجال‘ للحافظ عبد الغني المقدسي، والذي وضعه المقدسي بدوره في تراجم رواة الأئمة الستة أصحاب الكتب المشهورة.
ومن كتاب المِزِّيِّ تسلسلت مؤلفات جليلة، وبنيت عليه مصنفات حديثيـة كثيرة، فوضع الذهبيُّ كتابه ’تذهيب التهذيب‘، ثم اختصره في كتابه: ’الكاشف‘، كما اختصر الخزرجيُّ ’التذهيب‘ في كتابه: ’خلاصة تذهيب تهذيب الكمال‘.
كما جاء الحافـظ ابن حجر فوضع كتابـه المشهـور: ’تهذيـب التهذيب‘، ثم اختصره في كتابه الموجز المفيد: ’تقريب التهذيب‘.
وهكذا لقي رجالُ الأئمة الستة عنايةً كبيرة بين المحدثين، لمكانة الكتب الستـة وشهرتهـا بين المسلمين، حتى أضحت أشهر كتب السنة تقريباً.
والكتاب الذي بين أيدينا داخل في هذه السلسلة، فهو منظومة وزنها إمام كبير، هو ابن بَرْدِسَ البَعْلَبكِّي (أو البَعْلي)، جمعَ فيها من بين رواة الحديـث الرجالَ الذين اتفق الأئمـة الستة على إخراج حديثهم، حيث نظمهم ورتبهم، واجتهد في سرد أسمائهم وأنسابهم وألقابهم في أبيات موزونة منظومة.
وقد وقفتُ على هذا النظم في أثناء تحقيقي لمنظومـة أخرى لابن بَرْدِسَ هي منظومة: ’الانتخاب في اختصار كشف النقاب‘ التي نظم فيها كتابَ الحافظِ العلائي ’كشف النقاب عما روى الشيخان للأصحاب‘، حيث كان الأصل المخطوط للمنظومتين في مجموع واحد، فلما فرغت من الأولى تشوَّفت للعمل في الثانية، لما رأيت فيها من طرافة وجدَّةٍ في موضوعها، فإني لم أقف على من جرَّدَ رجالَ الأئمـةِ الستةِ مجتمعين، أو أفردهم في مؤلَّف، فتكون هذه المنظومة فريدة في بابها، جديدة في مادتها ومحتواها.
وقد قدَّمتُ بين يدي المنظومـة مقدمات لعلها أن تغنيها، وتكمل فائدتها، وتتجلى في:
ـ التعريف بالناظم.
ـ التعريف بالمنظومة، ومنهج الناظم فيها.
ـ عدة رواة الأئمة الستة.
ـ الاحتجاج برجال الأئمة الستة.
ـ نسبة الكتاب واسمه.
ـ وصف الأصل المخطوط.
ـ عملي في الكتاب.
كما أعقبت المنظومة ملحقاً أحصيت فيه من روى له البخاري تعليقاً وبقية الستة؛ أي من رمز له برمز: (خت م 4)، وذلك تتمة للفائدة، ولبيان تفريق العلماء بين ما أخرجه البخـاري تعليقـاً، وما أخرجـه أصالـة في صحيحه.
ولا يفوتني هنا أن أسجل شكري وامتناني للأخ الفاضل أستاذ اللغة العربية إبراهيم عمر المقداد الذي تكرَّم بالاطلاع على الكتاب، ومراجعة النظم، فبذل جهداً كبيراً في تصويب الوزن، وضبط الأبيات والقوافي، كما أشكر فضيلة الشيخ محمد مجير الخطيب الحسني الذي اطلع على الكتاب أيضاً، وكانت لـه ملحوظـات وإشارات مهمـة أفـدت منها في تحقيقي، فجزاهما الله خير الجزاء، وجعل ذلك في مِيزَانَيْ أعمالِهما.
وأخيراً:
فهذا الجهد في خدمة الكتاب أقدمه بين يدي القارئ، فإن أدرك فيه فائدةً ـ وأسأل اللهَ ذلك ـ فلْيَدعُ لأخيه في ظهرِ الغيب، وإن وقع على خطأ أو زلل، فليغفر ولينصح، والله من وراء القصد.
عبد الجواد حمام
أما بعد:
فلا يزال العلمُ ـ بفضل الله ـ رَحِماً بين أهله، يصل المتقدمَ بالمتأخر، ويربط أهل المشرق بأهل المغرب، ويجمع العقول والفكر عليه، فترى في كل عصر نوابغ من العلمـاء يرفعون عمـاد الدين، وينشرون راياته، ويقومون به علماً وعملاً ودعـوة وجهاداً، فبـدعوتهم يهتـدي الزائـغ، ويسترشد الحيران، ويرتدع الفاجر، ويرعوي أهل الطغيان.
ولم تهـدأ عقـول أبناء الأمـة عصراً من العصور، ولم تفتر قرائحُ المبرزين من العلماء عن الإجادة في كل فن، فمع كل قرن تطلع شمسه على هذه الأمـة نرى أعلاماً من العلماء يجددون حركـة الفكر والعلم، فيأتون بالمؤلفات الفريدة، والمصنفات البديعـة، يتممون بها عمل من سبقهم، ويزيدون عليها تحريراً وتنقيحاً وتدقيقاً، ويلبسونها حلة جديدة، لتزهـو مكتبتنـا الإسلاميـة بعرائس زَيَّنَتْها قرائحُ الأفذاذ، وأنجبتها مُهَجُ المبدعين من العلماء.
ومن أكثر العلوم رواجاً في العصور المتقدمة علمُ الحديث بفروعه الكثيرة، حتى إنك لتجد مصنفات هذا العلم تستحوذ على السواد الأعظم منها، فمِنْ كُتُبِ متونِ الحديث، إلى الأجزاءِ الحديثية، إلى كتب الرجال والجرح والتعـديل، إلى كتـب العـلل، فمصطلـح الحديـث، فغريبـه فأحكامه... وهكذا لا تكاد ترى لهذه السلسلة من نهاية.
ومن فروع علم الحديـث المهمـة علم الرجـال، أو علم الجـرح والتعـديل، ذلك الفـن الذي تخصَّص في دراسة أحوال الرواة، وذِكْـرِ مناقبهم، والحُكْمِ عليهم بمقياس العدالة والضبط.
ومن أشهـر كتب الرجـال التي ظهـرت في القـرن الثامن الهجري كتاب: ’تهذيب الكمال‘ للحافظ المِزِّيِّ، الذي هذبه من كتاب ’الكمال في أسماء الرجال‘ للحافظ عبد الغني المقدسي، والذي وضعه المقدسي بدوره في تراجم رواة الأئمة الستة أصحاب الكتب المشهورة.
ومن كتاب المِزِّيِّ تسلسلت مؤلفات جليلة، وبنيت عليه مصنفات حديثيـة كثيرة، فوضع الذهبيُّ كتابه ’تذهيب التهذيب‘، ثم اختصره في كتابه: ’الكاشف‘، كما اختصر الخزرجيُّ ’التذهيب‘ في كتابه: ’خلاصة تذهيب تهذيب الكمال‘.
كما جاء الحافـظ ابن حجر فوضع كتابـه المشهـور: ’تهذيـب التهذيب‘، ثم اختصره في كتابه الموجز المفيد: ’تقريب التهذيب‘.
وهكذا لقي رجالُ الأئمة الستة عنايةً كبيرة بين المحدثين، لمكانة الكتب الستـة وشهرتهـا بين المسلمين، حتى أضحت أشهر كتب السنة تقريباً.
والكتاب الذي بين أيدينا داخل في هذه السلسلة، فهو منظومة وزنها إمام كبير، هو ابن بَرْدِسَ البَعْلَبكِّي (أو البَعْلي)، جمعَ فيها من بين رواة الحديـث الرجالَ الذين اتفق الأئمـة الستة على إخراج حديثهم، حيث نظمهم ورتبهم، واجتهد في سرد أسمائهم وأنسابهم وألقابهم في أبيات موزونة منظومة.
وقد وقفتُ على هذا النظم في أثناء تحقيقي لمنظومـة أخرى لابن بَرْدِسَ هي منظومة: ’الانتخاب في اختصار كشف النقاب‘ التي نظم فيها كتابَ الحافظِ العلائي ’كشف النقاب عما روى الشيخان للأصحاب‘، حيث كان الأصل المخطوط للمنظومتين في مجموع واحد، فلما فرغت من الأولى تشوَّفت للعمل في الثانية، لما رأيت فيها من طرافة وجدَّةٍ في موضوعها، فإني لم أقف على من جرَّدَ رجالَ الأئمـةِ الستةِ مجتمعين، أو أفردهم في مؤلَّف، فتكون هذه المنظومة فريدة في بابها، جديدة في مادتها ومحتواها.
وقد قدَّمتُ بين يدي المنظومـة مقدمات لعلها أن تغنيها، وتكمل فائدتها، وتتجلى في:
ـ التعريف بالناظم.
ـ التعريف بالمنظومة، ومنهج الناظم فيها.
ـ عدة رواة الأئمة الستة.
ـ الاحتجاج برجال الأئمة الستة.
ـ نسبة الكتاب واسمه.
ـ وصف الأصل المخطوط.
ـ عملي في الكتاب.
كما أعقبت المنظومة ملحقاً أحصيت فيه من روى له البخاري تعليقاً وبقية الستة؛ أي من رمز له برمز: (خت م 4)، وذلك تتمة للفائدة، ولبيان تفريق العلماء بين ما أخرجه البخـاري تعليقـاً، وما أخرجـه أصالـة في صحيحه.
ولا يفوتني هنا أن أسجل شكري وامتناني للأخ الفاضل أستاذ اللغة العربية إبراهيم عمر المقداد الذي تكرَّم بالاطلاع على الكتاب، ومراجعة النظم، فبذل جهداً كبيراً في تصويب الوزن، وضبط الأبيات والقوافي، كما أشكر فضيلة الشيخ محمد مجير الخطيب الحسني الذي اطلع على الكتاب أيضاً، وكانت لـه ملحوظـات وإشارات مهمـة أفـدت منها في تحقيقي، فجزاهما الله خير الجزاء، وجعل ذلك في مِيزَانَيْ أعمالِهما.
وأخيراً:
فهذا الجهد في خدمة الكتاب أقدمه بين يدي القارئ، فإن أدرك فيه فائدةً ـ وأسأل اللهَ ذلك ـ فلْيَدعُ لأخيه في ظهرِ الغيب، وإن وقع على خطأ أو زلل، فليغفر ولينصح، والله من وراء القصد.
عبد الجواد حمام
المجموعة | سلسلة كتب تحقيق التراث العربي والإسلامي |
الناشر | دار النوادر |
عنوان الناشر | دمشق |
سنة النشر (هجري) | 1432 |
سنة النشر (ميلادي) | 2011 |
رقم الطبعة | 1 |
نوع الورق | كريم شاموا |
غراماج الورق | 40 |
مصدر الورق | ياباني |
قياس الورق | 17 × 24 |
عدد المجلدات | 1 |
عدد الصفحات | 256 |
الغلاف | فني |
ردمك | 9789933418953 |
تأليف/تحقيق | تحقيق |
تصنيف ديوي |
تحميل
كلمات مفتاحية
روابط مفيدة
تعليقات الزوار
أبو عبدالرحمن الموجه:
جزاك الله خيراً أخي العزيز عبد الجواد وإلى مزيد من العطاء النافع واحذر سارقي جهد الآخرين
2014-05-20 11:48:41 am
أبو بكر الأرمنازي:
بسم الله و الحمد لله و صلى الله على حبيبه المصطفى
جزاك الله خيرا أخي الحبيب على ما تتحفنا به بين الفينةو الأخرى بما لذ و طاب من جميل التراث و أبدعه
و شد الله على يديك بالخير و العون و زودك التقوى و الإخلاص
2014-05-20 11:48:41 am
ethrtdshdh56y