الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادةً أدخرها ليوم المعاد، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن اتبع هداه، وسلم تسليماً كثيراً.
وبعد:
فقد أكرمني الله بالتشرف بدراسة العلوم الشرعيـة، وقد أنهيت كلية الدعوة الإسلامية، ثم حظيت بالالتحاق بالدراسات العُليا، والتخصص في الفقه المقارن.
وبعد حصولي على الدبلوم، والتمهيدي، وجدت عدداً من المخطوطات، والأعلام المشهورين في دمشـق، لم يُكتب عنهم، وبقيت كتبهم على الرفـوف، ومحفوظة في مكتبة الأسد الوطنية العامرة.
ومن هؤلاء الأعلام البارزين: الإمام يوسف بن عبد الهادي، الذي كان له الأثر الكبير، والإنتاج العظيم، والآثار العديدة، التي لا يزال معظمها مخطوطاً، ولم ينل حظه من الدراسة، والبحث، والشهرة.
ورأيت من واجبي ـ وقد تشرفت بالنسب إليه ـ أن أقوم بهذا الواجب، وأقدم هذه الخدمـة للمسلمين جميعاً، فاخترت رسالتي للماجستير بعنوان: (الإمام ابن عبد الهادي، وآثاره الفقهية).
وقد تمت مناقشة هذه الرسالـة في 24/ 8/ 1997، تشرفت إثرها بالحصول على درجة الماجستير في العلم المذكور.
وفي خضم البحث عن آثار ابن عبد الهادي الفقهيـة، استوقفتني مخطوطـة نادرة، وفريدة من نوعها بعنوان: (زينة العرائس من الطرف والنفائس)، بدت لي وكأنها تحوي علماً جديداً لم يُسبق إليه، مما دعاني للمبادرة إلى نسخها، وتقديم دراسة عنهـا في رسالة الماجستير، وهي في تخريج الفروع الفقهية على الأصول النحوية.
وبعد الاتكال على الله، والاستعانة بجلالته، رأيت إعدادها أطروحةً للتشرف بنيل درجة الدكتوراه، فقمت بعرضها وخطة البحث على شيخنا: الأستاذ الدكتور مصطفى سعيد الخن، فتفضل بقبوله الإشراف على هذا العمل مشكوراً، أطال الله عمره، ونفعنا به. آمين.
وقد دفعني إلى اختيار هذا الموضوع عدة أسباب، أوجزها فيما يلي:
1 ـ إخراج الكتاب إلى النور، بعد أن بقي في ظلمةٍ دامت لأكثر من 560 سنة تقريباً.
2 ـ ندرة الكتب التي صنفت في هـذا الفـن، كتـابان فقط؛ هـذا الكتاب، و’الكوكب الدري‘ للإمام الإسنوي ـ رحمـه الله ـ ولا يوجد غيرهما على ما نعلم ـ والله أعلم ـ.
3 ـ أهمية الكتاب، وسنذكره لاحقاً في موضعه.
4 ـ عدم معرفة الناس، وكثيـر من العلمـاء، وطلاب الدراسات العُليا بابن عبد الهادي، على الرغم من كثرة تآليفه، ووفور علمه ـ رحمه الله ـ.
5 ـ العناية بكتب ابن عبد الهادي، ومخطوطاته، وإظهارها للناس.
6 ـ تحقيق الكتاب تحت إشرافٍ دقيقٍ، لندرته وأهميته، وذلك للاستفادة منه على الوجه المطلوب ـ إن شاء الله تعالى ـ.
7 ـ وإن من أهم أسباب اختياري لهذا البحث هو محاولة فهم هذا الفن على قدر الاستطاعة، وماذا أراد به أصحابه، ثم التعرف على كيفية تخريج الفروع الفقهية وإلحاقها بالقاعدة؛ أصوليةً كانت، أو فقهيةً، أو نحوية، ومن ثم الوصول إلى حقيقة أمره وأهميته، لتعم الفائدة ـ إن شاء الله تعالى ـ.
وأخيراً: فإن الأسباب كثيـرة، وشرحها يطول، أكتفي بهذا القدر، توكلت على الله، والله الموفق، والحمد لله رب العالمين.