الحديث المنكر دراسة نظرية تطبيقية في كتاب (علل الحديث) بابن أبي حاتم
الحمد لله رب العالمين، الذي جعل العلم نوراً للمهتدين، وشفاءً لصدور المؤمنين، وحجةً على الجاحدين والمبطلين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فقد بعث الله تعالى نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم خاتماً للأنبياء والرسل، فجاءت رسالته كافةً للناس إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فكان من دواعي الاستمرارية: أن تحفظ مصادرها، قال الله تعالـى: ﴿ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ﴾[الحجر: 9]. فيسـر الله للقـرآن حفاظاً حفظوه فـي السطور والصدور، وتعاهـده العلماء دراسةً وبحثاً وتفسيراً، حتى استقرت علومه المختلفة.
ويسر الله للسنة النبوية أئمةً عدولاً في كل عصر، ينفون عنها تأويل الجاهلين، وانتحال المبطلين، وتحريف الغالين، فتعاقبت جهودهم عبر الزمان على حفظها حتى ’أشرقت شموس صحاح الأخبار، وانبعثت أشعتها في الأقطار، وتمزقت عن البصائر حجب الجهالة، وأغشية الضلالة. فرحم الله تلك الأنفس التي نهضت لتأمين الدين، ورضي الله عمن أحيا آثارهم من اللاحقين‘( ).
* أهمية الموضوع وسبب اختياره:
تنوعـت العلوم الخادمـة للسنة النبويـة وتشعبـت؛ فعلوم تخـدم المتن؛ ببيـان غرائب ألفاظـه، وإزالة التعـارض الظاهري بينها. وعلوم تخدم الإسناد بالوقوف علـى رجاله ضبطاً لأسمائهم، وبياناً لدرجاتهم. لكن برز في كل ذلك علم يبحث في دقائق النقد الحديثي للرواية؛ بالكشف عن عللها؛ حتى تميز صحيح الأخبار من سقيمها، ألا وهو علم العلل. والذي انبرى له أئمة محدثون، هم خاصة أهل الحديث ورجاله، فجاءت جهودهم ناصعة في تمحيص الحديث ونقده، وكان لهم في التعبير عن ذلك مقولات نقديـة اعتبـرت الأساس الـذي قام عليه علـم المصطلح الذي ضبـط عمـوم المصطلحات، فحدد مراميها، وبين مقاصدها، وكشف عن قواعدهـا، حتى جـاءت علومه على الصورة المعهـودة فـي كتب أهل الاصطلاح. ولمـا كان الميـدان الواقعي لمثل هذه المصطلحات هو ميدان النقد المباشر للمرويات باستخدامها؛ كان لا بد من الفهم المشترك الجامع بين إطلاقات أهل الاصطلاح، والواقع التطبيقي لاستخدامها، الأمر الذي حتم عليَّ البحث في مصطلح ومقولة كثر الخلاف فيها، فجاءت ميداناً جيداً للتطبيق، وهي: وصفهم بعض الأحاديث بالنكارة.
وجاءت أسباب البحث على النحو الآتي:
ـ أولاً: تباين آراء العلماء في تعريف الحديث المنكر، الأمر الذي يحتم على الباحث الكشف عنه، وسياق الاختلاف فيه.
ـ ثانياً: تعلقه بمباحـث مهمـة في علم العلل؛ نحـو: التفرد والمخالفة؛ ممـا يزيد القارئ اطلاعاً فيه.
ـ ثالثاً: شمولية استخدام هذا المصطلح فـي معرض النقد، وبيـان أوهـام الرواية، سواء كان في السند، أم في المتن، ورسوخ استخدامه لدى أئمة النقد.
مما أشعرني بالحاجة الماسة إلى دراسة نظرية للمباحث المختلفة المتعلقة بالحديث المنكر أولاً، ثم تطلب الأمر البحث عن ميدان يكثر فيه وصف الأحاديث بالنكارة، فأُرشدت ـ بعون الله ورعايته ـ إلى كتاب ’علل الحديث‘ للحافظ المحدث الناقد عبد الرحمن بن الحافظ المحدث الناقد محمد بن إدريس الرازي أبو حاتم، ولعل من أسباب اختيار الكتاب:
ـ أولاً: كونه مصدراً مهماً من المصادر الأولى في نقد الأحاديث.
ـ ثانياً: وضوح ’المنكر‘ فيه وضوحاً تاماً؛ فقد كثر في معرض النقد استخدامه حتى أضحى علامة فارقة على الكتاب.
ـ ثالثاً: أهمية الكتـاب؛ لجلالة أصحابـه ومؤلفيه، وهم: الإمام أبو حاتم الرازي، وأبو زرعة الرازي، وابن أبي حاتم الرازي.
من هنا ـ وبعد الدراسة المتأنية ـ جاء عنوان هذا البحث:
’الحديث المنكر دراسة نظرية وتطبيقية في كتاب
’علل الحديث‘ لابن أبي حاتم‘
وقد مر البحث بالمراحل الآتية:
1 ـ الاستقراء والجمع: باستقراء واستقصـاء ما كتبه علماء الإسلام قديماً وحديثاً حول المنكر، والذي جاءت خطواته على النحو الآتي:
* استقراء كتـب المصطلـح المختلفة بالعودة إلـى أمهاتها، فلم أدع منها كتاباً اهتم بالاصطلاح إلا مَحَّصتـه؛ ومن ذلك: المقدمـات التـي أفردت لبعض كتب الحديث؛ كمقدمة مسلم لصحيحـه، أو علل الترمذي الصغير، أو مقدمـة ابن عدي للكامل، أو مقدمة العقيلـي للضعفاء، وغيرها. ثـم كتـب المصطلح التـي ألفت للمصطلح أصالةً.
* استقراء كتب النقد المختلفـة؛ للوقوف علـى الحديث المنكر فـي واقع التطبيق؛ سعياً للإفادة في مباحثه المختلفة.
* استقراء الأحاديث التي وصفت بالنكارة في كتاب ’علل الحديث‘ لابن أبي حاتم؛ للوقوف على منهجية الكتاب فيها.
2 ـ الدراسة والتحليل: وذلك بتمحيص وتحليل ما تجمع من مادة علمية عبر محوري الدراسة: النظري، والتطبيقي، وصولاً إلـى النتائج المبتغاة مـن البحث والدراسة.
3 ـ التأليف والجمع: بجمع متناثر الأفكار التي عَرضت في مراحل الدراسة المختلفة، ثم تأليفها في الأبواب والفصول.
وتجدر الإشارة إلى عدم وجود دراسات سابقة تطرقت للبحث في الحديث المنكر على ضوء الخطة السابق عرضها. غير أن ابن الصلاح سبق غيره من أهل الاصطلاح بإفراد المنكر باعتباره نوعاً من أنواع علوم الحديث؛ لكن الناظر فيما ذكره ابن الصلاح فيه يجـده لا يتعدى التعريـف، وبيان علاقته بالشاذ علـى وجه الخصوص ـ سائراً بذلك على منهجيته في كتابه ـ مما لا يتيح للناظر تمحيص مباحثه المختلفة، والوقوف على تفاصيله الدقيقة. وسارت كتب المصطلح بعد ذلك على ما سار عليه ابن الصلاح( ).
وأما في ميدان علاقته بالجـرح، فقد فصل اللكنوي فـي ’الرفع والتكميل‘ جانباً من ذلك، ذاكراً دلالة بعض مصطلحاته، غير أنه يأت عليها على وجه الحصر والبيان، الأمر الذي اقتضى إفراد فصل لذلك ـ كما هو بين في الخطة أعلاه ـ( ).
وأما ميدان الدراسة التطبيقية، فلم أجد من اعتنى بالمنكر في كتاب ’علل الحديث‘ لابن أبي حاتم الرازي، على ضوء ما جاءت به هذه الرسالة، غير أن الدكتور رفعت فوزي في كتابه ’ابن أبي حاتم وأثره في علوم الحديث‘ قد تكلم على كتاب ’علل الحديث‘، في سياق حديث شمولي عن ابن أبي حاتم الرازي، كان نصيب المنكر فيها أسطراً معدودةً، لم تتعد التعريف، ولم تقف على ما وقفت عليه هذه الدراسة( ).
وبهذا تكون هذه الدراسة قد انتظمت وفقاً للأبواب والمباحث التالية:
* الباب الأول ـ الدراسة النظرية:
ـ التمهيد: ويشمل الحديث عن القضايا الآتية:
ـ واقع علوم الحديث، والحذر من الإسقاط المصطلحي.
ـ النكارة نوع ضعف.
ـ التفريق بين وصف الحديث بالمنكر، ووصف الراوي بألفاظ النكارة.
* الفصل الأول ـ الحديث المنكر:
المبحث الأول: تعريف الحديث المنكر.
المطلب الأول: التعريف اللغوي.
المطلب الثاني: التعريف الاصطلاحي.
المبحث الثاني: وسائل الكشف عن النكارة.
أولاً: الوسائل العملية للكشف عن النكارة.
المطلب الأول: التفرد.
المطلب الثاني: المخالفة.
خاتمة المبحث: علاقة التفرد بالمخالفة.
ثانياً: شخصية الناقد الكاشف عن النكارة.
المبحث الثالث: أسباب وقوع الراوي في رواية المنكر.
المطلب الأول: الأسباب الأصلية.
المطلب الثاني: الأسباب الطارئة.
المبحث الرابع: أنواع الحديث المنكر.
المطلب الأول: أنواع المنكر باعتبار الإسناد.
المطلب الثاني: أنواع المنكر باعتبار المتن.
المبحث الخامس: علاقة المنكر بغيره من مباحث الاصطلاح.
المطلب الأول: علاقة المنكر بالشاذ.
المطلب الثاني: علاقة المنكر بالمحفوظ والمعروف.
المطلب الثالث: علاقة المنكر بالمشكل والمضطرب.
المطلب الرابع: علاقة المنكر بالغريب والفرد.
* الفصل الثاني ـ ألفاظ النكارة عند علماء الجرح والتعديل:
المبحث الأول: الألفاظ المصرحة بالنكارة الدالة على عدم غلبة المناكير على حديث المحدث.
المطلب الأول: قولهم: ’تعرف وتنكر‘.
المطلب الثاني: قولهم: ’يروي المناكير‘.
المطلب الثالث: قولهم: ’في حديثه بعض النكرة‘.
المطلب الرابع: قولهم: ’حديثه عن فلان منكر‘.
المبحث الثاني: الألفاظ المصـرحة بالنكارة الدالـة على غلبة المناكير علـى حديث المحدث.
المطلب الأول: قولهم: ’منكر الحديث‘.
المطلب الثاني: قولهم: ’حديثه منكر‘.
المطلب الثالث: قولهم: ’عامة أحاديثه مناكير‘.
المطلب الرابع: قولهم: ’صاحب مناكير‘.
المبحث الثالث: الألفاظ غير المصرحة بالنكارة الدالة على وقوع الراوي في رواية المنكر.
المطلب الأول: قولهم: ’لا يتابع‘.
المطلب الثاني: قولهم: ’حديثه لا يشبه حديث الثقات‘.
المطلب الثالث: الألفاظ التي تنص على أن الراوي خالف.
المطلب الرابع: الألفاظ التي تنص على التفرد والغرابة.
المطلب الخامس: قولهم: ’أحاديثه غير محفوظة‘.
* الباب الثاني ـ الدراسة التطبيقية:
* الفصل الأول ـ كتاب علل الحديث لابن أبي حاتم، التعريف والمنهج:
المبحث الأول: التعريف بأبي حاتم، وأبي زرعة، وابن أبي حاتم.
المطلب الأول: التعريف بأبي حاتم الرازي.
المطلب الثاني: التعريف بأبي زرعة الرازي.
المطلب الثالث: التعريف بابن أبي حاتم الرازي.
المبحث الثاني: التعريف بكتاب علل الحديث، ونظرة في منهجه العام.
المطلب الأول: وصف النسخة المتداولة.
المطلب الثاني: أهمية كتاب علل الحديث.
المطلب الثالث: المادة العلمية في كتاب علل الحديث.
المطلب الرابع: العلة وأحاديث الضعفاء.
المطلب الخامس: أصالة ابن أبي حاتم في الكتاب.
* الفصل الثاني ـ الدراسة التطبيقية:
المبحث الأول: دلالة المنكر عند أبي حاتم وأبي زرعة.
المطلب الأول: تفرد الثقة.
المطلب الثاني: مخالفة الثقة.
المطلب الثالث: تفرد الضعيف.
المطلب الرابع: مخالفة الضعيف.
المطلب الخامس: المحفوظ والمعروف في الكتاب.
المبحث الثاني: أسباب وقـوع الراوي فـي روايـة المنكر عنـد أبـي حاتم وأبـي زرعة.
المطلب الأول: الأسباب الأصلية.
المطلب الثاني: الأسباب الطارئة.
المبحث الثالث: أنواع المنكر عند أبي حاتم وأبي زرعة.
المطلب الأول: أنواع المنكر باعتبار الإسناد.
المطلب الثاني: أنواع المنكر باعتبار المتن.
* الخاتمة والتوصيات.
ولا يسعني إلا أن أتقدم بالشكر لصاحب الأيادي البيضاء عليَّ في هذا الجهد الأستاذ الدكتور ياسر الشمالي على ما تفضل به من توجيهات أثرت بها مسيرة هذه الرسالة. وكذا فإن الشكر والثناء مقدم للجنة المناقشة، والتي تشكلت من: الأستاذ الدكتور حمزة المليباري. والدكتور محمد عيـد الصاحب. والدكتور عبد الرزاق أبو البصل، على كل ما قدموه من نصح وإرشاد قوَّم اعوجاجها.
وأخيراً: فهذا جهد المقل، حاول فيه إفراغ وسعه، وبذل جهده، فإن أصبت، فمن الله التوفيق، وإن أخطأت، فمن نفسي ومن الشيطان، وأرجو أن أكون قد وفقت في إخراج هذا البحث على الوجه المطلوب.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
د. عبد السلام أحمد أبو سمحة
مدرس الحديث الشريف
كلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي
رئيس قسم الشريعة والدراسات الإسلامية
جامعة الإسراء ـ الأردن سابقاً
راجيا الإفادة من ملاحظات الأخوة القراء
البريد الإلكتروني: abusamhaa@yahoo.com
أما بعد:
فقد بعث الله تعالى نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم خاتماً للأنبياء والرسل، فجاءت رسالته كافةً للناس إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فكان من دواعي الاستمرارية: أن تحفظ مصادرها، قال الله تعالـى: ﴿ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ﴾[الحجر: 9]. فيسـر الله للقـرآن حفاظاً حفظوه فـي السطور والصدور، وتعاهـده العلماء دراسةً وبحثاً وتفسيراً، حتى استقرت علومه المختلفة.
ويسر الله للسنة النبوية أئمةً عدولاً في كل عصر، ينفون عنها تأويل الجاهلين، وانتحال المبطلين، وتحريف الغالين، فتعاقبت جهودهم عبر الزمان على حفظها حتى ’أشرقت شموس صحاح الأخبار، وانبعثت أشعتها في الأقطار، وتمزقت عن البصائر حجب الجهالة، وأغشية الضلالة. فرحم الله تلك الأنفس التي نهضت لتأمين الدين، ورضي الله عمن أحيا آثارهم من اللاحقين‘( ).
* أهمية الموضوع وسبب اختياره:
تنوعـت العلوم الخادمـة للسنة النبويـة وتشعبـت؛ فعلوم تخـدم المتن؛ ببيـان غرائب ألفاظـه، وإزالة التعـارض الظاهري بينها. وعلوم تخدم الإسناد بالوقوف علـى رجاله ضبطاً لأسمائهم، وبياناً لدرجاتهم. لكن برز في كل ذلك علم يبحث في دقائق النقد الحديثي للرواية؛ بالكشف عن عللها؛ حتى تميز صحيح الأخبار من سقيمها، ألا وهو علم العلل. والذي انبرى له أئمة محدثون، هم خاصة أهل الحديث ورجاله، فجاءت جهودهم ناصعة في تمحيص الحديث ونقده، وكان لهم في التعبير عن ذلك مقولات نقديـة اعتبـرت الأساس الـذي قام عليه علـم المصطلح الذي ضبـط عمـوم المصطلحات، فحدد مراميها، وبين مقاصدها، وكشف عن قواعدهـا، حتى جـاءت علومه على الصورة المعهـودة فـي كتب أهل الاصطلاح. ولمـا كان الميـدان الواقعي لمثل هذه المصطلحات هو ميدان النقد المباشر للمرويات باستخدامها؛ كان لا بد من الفهم المشترك الجامع بين إطلاقات أهل الاصطلاح، والواقع التطبيقي لاستخدامها، الأمر الذي حتم عليَّ البحث في مصطلح ومقولة كثر الخلاف فيها، فجاءت ميداناً جيداً للتطبيق، وهي: وصفهم بعض الأحاديث بالنكارة.
وجاءت أسباب البحث على النحو الآتي:
ـ أولاً: تباين آراء العلماء في تعريف الحديث المنكر، الأمر الذي يحتم على الباحث الكشف عنه، وسياق الاختلاف فيه.
ـ ثانياً: تعلقه بمباحـث مهمـة في علم العلل؛ نحـو: التفرد والمخالفة؛ ممـا يزيد القارئ اطلاعاً فيه.
ـ ثالثاً: شمولية استخدام هذا المصطلح فـي معرض النقد، وبيـان أوهـام الرواية، سواء كان في السند، أم في المتن، ورسوخ استخدامه لدى أئمة النقد.
مما أشعرني بالحاجة الماسة إلى دراسة نظرية للمباحث المختلفة المتعلقة بالحديث المنكر أولاً، ثم تطلب الأمر البحث عن ميدان يكثر فيه وصف الأحاديث بالنكارة، فأُرشدت ـ بعون الله ورعايته ـ إلى كتاب ’علل الحديث‘ للحافظ المحدث الناقد عبد الرحمن بن الحافظ المحدث الناقد محمد بن إدريس الرازي أبو حاتم، ولعل من أسباب اختيار الكتاب:
ـ أولاً: كونه مصدراً مهماً من المصادر الأولى في نقد الأحاديث.
ـ ثانياً: وضوح ’المنكر‘ فيه وضوحاً تاماً؛ فقد كثر في معرض النقد استخدامه حتى أضحى علامة فارقة على الكتاب.
ـ ثالثاً: أهمية الكتـاب؛ لجلالة أصحابـه ومؤلفيه، وهم: الإمام أبو حاتم الرازي، وأبو زرعة الرازي، وابن أبي حاتم الرازي.
من هنا ـ وبعد الدراسة المتأنية ـ جاء عنوان هذا البحث:
’الحديث المنكر دراسة نظرية وتطبيقية في كتاب
’علل الحديث‘ لابن أبي حاتم‘
وقد مر البحث بالمراحل الآتية:
1 ـ الاستقراء والجمع: باستقراء واستقصـاء ما كتبه علماء الإسلام قديماً وحديثاً حول المنكر، والذي جاءت خطواته على النحو الآتي:
* استقراء كتـب المصطلـح المختلفة بالعودة إلـى أمهاتها، فلم أدع منها كتاباً اهتم بالاصطلاح إلا مَحَّصتـه؛ ومن ذلك: المقدمـات التـي أفردت لبعض كتب الحديث؛ كمقدمة مسلم لصحيحـه، أو علل الترمذي الصغير، أو مقدمـة ابن عدي للكامل، أو مقدمة العقيلـي للضعفاء، وغيرها. ثـم كتـب المصطلح التـي ألفت للمصطلح أصالةً.
* استقراء كتب النقد المختلفـة؛ للوقوف علـى الحديث المنكر فـي واقع التطبيق؛ سعياً للإفادة في مباحثه المختلفة.
* استقراء الأحاديث التي وصفت بالنكارة في كتاب ’علل الحديث‘ لابن أبي حاتم؛ للوقوف على منهجية الكتاب فيها.
2 ـ الدراسة والتحليل: وذلك بتمحيص وتحليل ما تجمع من مادة علمية عبر محوري الدراسة: النظري، والتطبيقي، وصولاً إلـى النتائج المبتغاة مـن البحث والدراسة.
3 ـ التأليف والجمع: بجمع متناثر الأفكار التي عَرضت في مراحل الدراسة المختلفة، ثم تأليفها في الأبواب والفصول.
وتجدر الإشارة إلى عدم وجود دراسات سابقة تطرقت للبحث في الحديث المنكر على ضوء الخطة السابق عرضها. غير أن ابن الصلاح سبق غيره من أهل الاصطلاح بإفراد المنكر باعتباره نوعاً من أنواع علوم الحديث؛ لكن الناظر فيما ذكره ابن الصلاح فيه يجـده لا يتعدى التعريـف، وبيان علاقته بالشاذ علـى وجه الخصوص ـ سائراً بذلك على منهجيته في كتابه ـ مما لا يتيح للناظر تمحيص مباحثه المختلفة، والوقوف على تفاصيله الدقيقة. وسارت كتب المصطلح بعد ذلك على ما سار عليه ابن الصلاح( ).
وأما في ميدان علاقته بالجـرح، فقد فصل اللكنوي فـي ’الرفع والتكميل‘ جانباً من ذلك، ذاكراً دلالة بعض مصطلحاته، غير أنه يأت عليها على وجه الحصر والبيان، الأمر الذي اقتضى إفراد فصل لذلك ـ كما هو بين في الخطة أعلاه ـ( ).
وأما ميدان الدراسة التطبيقية، فلم أجد من اعتنى بالمنكر في كتاب ’علل الحديث‘ لابن أبي حاتم الرازي، على ضوء ما جاءت به هذه الرسالة، غير أن الدكتور رفعت فوزي في كتابه ’ابن أبي حاتم وأثره في علوم الحديث‘ قد تكلم على كتاب ’علل الحديث‘، في سياق حديث شمولي عن ابن أبي حاتم الرازي، كان نصيب المنكر فيها أسطراً معدودةً، لم تتعد التعريف، ولم تقف على ما وقفت عليه هذه الدراسة( ).
وبهذا تكون هذه الدراسة قد انتظمت وفقاً للأبواب والمباحث التالية:
* الباب الأول ـ الدراسة النظرية:
ـ التمهيد: ويشمل الحديث عن القضايا الآتية:
ـ واقع علوم الحديث، والحذر من الإسقاط المصطلحي.
ـ النكارة نوع ضعف.
ـ التفريق بين وصف الحديث بالمنكر، ووصف الراوي بألفاظ النكارة.
* الفصل الأول ـ الحديث المنكر:
المبحث الأول: تعريف الحديث المنكر.
المطلب الأول: التعريف اللغوي.
المطلب الثاني: التعريف الاصطلاحي.
المبحث الثاني: وسائل الكشف عن النكارة.
أولاً: الوسائل العملية للكشف عن النكارة.
المطلب الأول: التفرد.
المطلب الثاني: المخالفة.
خاتمة المبحث: علاقة التفرد بالمخالفة.
ثانياً: شخصية الناقد الكاشف عن النكارة.
المبحث الثالث: أسباب وقوع الراوي في رواية المنكر.
المطلب الأول: الأسباب الأصلية.
المطلب الثاني: الأسباب الطارئة.
المبحث الرابع: أنواع الحديث المنكر.
المطلب الأول: أنواع المنكر باعتبار الإسناد.
المطلب الثاني: أنواع المنكر باعتبار المتن.
المبحث الخامس: علاقة المنكر بغيره من مباحث الاصطلاح.
المطلب الأول: علاقة المنكر بالشاذ.
المطلب الثاني: علاقة المنكر بالمحفوظ والمعروف.
المطلب الثالث: علاقة المنكر بالمشكل والمضطرب.
المطلب الرابع: علاقة المنكر بالغريب والفرد.
* الفصل الثاني ـ ألفاظ النكارة عند علماء الجرح والتعديل:
المبحث الأول: الألفاظ المصرحة بالنكارة الدالة على عدم غلبة المناكير على حديث المحدث.
المطلب الأول: قولهم: ’تعرف وتنكر‘.
المطلب الثاني: قولهم: ’يروي المناكير‘.
المطلب الثالث: قولهم: ’في حديثه بعض النكرة‘.
المطلب الرابع: قولهم: ’حديثه عن فلان منكر‘.
المبحث الثاني: الألفاظ المصـرحة بالنكارة الدالـة على غلبة المناكير علـى حديث المحدث.
المطلب الأول: قولهم: ’منكر الحديث‘.
المطلب الثاني: قولهم: ’حديثه منكر‘.
المطلب الثالث: قولهم: ’عامة أحاديثه مناكير‘.
المطلب الرابع: قولهم: ’صاحب مناكير‘.
المبحث الثالث: الألفاظ غير المصرحة بالنكارة الدالة على وقوع الراوي في رواية المنكر.
المطلب الأول: قولهم: ’لا يتابع‘.
المطلب الثاني: قولهم: ’حديثه لا يشبه حديث الثقات‘.
المطلب الثالث: الألفاظ التي تنص على أن الراوي خالف.
المطلب الرابع: الألفاظ التي تنص على التفرد والغرابة.
المطلب الخامس: قولهم: ’أحاديثه غير محفوظة‘.
* الباب الثاني ـ الدراسة التطبيقية:
* الفصل الأول ـ كتاب علل الحديث لابن أبي حاتم، التعريف والمنهج:
المبحث الأول: التعريف بأبي حاتم، وأبي زرعة، وابن أبي حاتم.
المطلب الأول: التعريف بأبي حاتم الرازي.
المطلب الثاني: التعريف بأبي زرعة الرازي.
المطلب الثالث: التعريف بابن أبي حاتم الرازي.
المبحث الثاني: التعريف بكتاب علل الحديث، ونظرة في منهجه العام.
المطلب الأول: وصف النسخة المتداولة.
المطلب الثاني: أهمية كتاب علل الحديث.
المطلب الثالث: المادة العلمية في كتاب علل الحديث.
المطلب الرابع: العلة وأحاديث الضعفاء.
المطلب الخامس: أصالة ابن أبي حاتم في الكتاب.
* الفصل الثاني ـ الدراسة التطبيقية:
المبحث الأول: دلالة المنكر عند أبي حاتم وأبي زرعة.
المطلب الأول: تفرد الثقة.
المطلب الثاني: مخالفة الثقة.
المطلب الثالث: تفرد الضعيف.
المطلب الرابع: مخالفة الضعيف.
المطلب الخامس: المحفوظ والمعروف في الكتاب.
المبحث الثاني: أسباب وقـوع الراوي فـي روايـة المنكر عنـد أبـي حاتم وأبـي زرعة.
المطلب الأول: الأسباب الأصلية.
المطلب الثاني: الأسباب الطارئة.
المبحث الثالث: أنواع المنكر عند أبي حاتم وأبي زرعة.
المطلب الأول: أنواع المنكر باعتبار الإسناد.
المطلب الثاني: أنواع المنكر باعتبار المتن.
* الخاتمة والتوصيات.
ولا يسعني إلا أن أتقدم بالشكر لصاحب الأيادي البيضاء عليَّ في هذا الجهد الأستاذ الدكتور ياسر الشمالي على ما تفضل به من توجيهات أثرت بها مسيرة هذه الرسالة. وكذا فإن الشكر والثناء مقدم للجنة المناقشة، والتي تشكلت من: الأستاذ الدكتور حمزة المليباري. والدكتور محمد عيـد الصاحب. والدكتور عبد الرزاق أبو البصل، على كل ما قدموه من نصح وإرشاد قوَّم اعوجاجها.
وأخيراً: فهذا جهد المقل، حاول فيه إفراغ وسعه، وبذل جهده، فإن أصبت، فمن الله التوفيق، وإن أخطأت، فمن نفسي ومن الشيطان، وأرجو أن أكون قد وفقت في إخراج هذا البحث على الوجه المطلوب.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
د. عبد السلام أحمد أبو سمحة
مدرس الحديث الشريف
كلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي
رئيس قسم الشريعة والدراسات الإسلامية
جامعة الإسراء ـ الأردن سابقاً
راجيا الإفادة من ملاحظات الأخوة القراء
البريد الإلكتروني: abusamhaa@yahoo.com
المجموعة | مكتبة الرسائل الجامعية العالمية |
الناشر | دار النوادر |
عنوان الناشر | دمشق |
سنة النشر (هجري) | 1433 |
سنة النشر (ميلادي) | 2012 |
رقم الطبعة | 1 |
نوع الورق | كريم شاموا |
غراماج الورق | 70 |
قياس الورق | 17 × 24 |
عدد المجلدات | 1 |
الغلاف | فني |
ردمك | 9789933459574 |
تأليف/تحقيق | تأليف |
تصنيف ديوي |
تحميل
كلمات مفتاحية
روابط مفيدة
أين كتاب معرفة أصحاب الرواة
لنفس المؤلف؟