القرائن في علم المعاني
هذا بحثٌ يَسْعَى إلى تأصيلِ نظريَّةٍ عربيَّةٍ في فَهْمِ النَّصِّ وتذوُّق بلاغته، وهي نظريَّة القرائن، وذلك باستجماعِ أجزائها المُفرَّقةِ في كُتبِ البلاغةِ وما يتَّصِلُ بها من علومٍ تَضرِبُ إليها بجذورِها، أو تمتدُّ إليها أفنانُها، أو تجري إليها روافِدُها؛ ثُمَّ بيانِ أثرِ تلك النَّظريَّةِ في علم المعاني، لتعميق مضمونِها، والبُرهان على أنَّها صالحةٌ للتَّطْبيق على مُختلِف صُوَر النَّظْمِ في الكلام البليغ.
ولاختيارِ هذا البحثِ أسبابٌ: منها: أنَّ ما كُتِبَ عن القرائن لا يكادُ يَسْعَى إلى ذلك التَّأْصيل الدَّقيق، والنَّظَرِ الشَّاملِ الذي يحلُّ ما يعرِضُ لجوانبِ هذه النَّظريَّةِ من مُشكلاتٍ، وأنَّ تلك البحوث خلَتْ من دراسةٍ تعرِضُ لعلم المعاني الذي يتجلَّى فيه أثرُ القرائنِ غايةَ التجلِّي.
ومنها: حاجةُ دارسي البلاغةِ إلى منهج عربيٍّ أصيلٍ يُمكِنُ به تحليلُ الكلام العربيِّ، وتطويرُ علم البلاغةِ بفَحْصِ أمثلةِ البلاغيين في فنونِها، وتحليلِ تلكَ الأمثلةِ باستحضارِ سياقاتِها وما يحتفُّ بها من مقاماتٍ وأحوالٍ، ليكونَ ذلكَ أعونَ على إدراك الأسرار البلاغيَّة المُودَعةِ فيها؛ ويمكنُ به الاستزادةُ من أمثلةِ بعضِ الفنونِ التي شحَّتْ أمثلتُها في كُتُب البلاغة، أو افتقرَتْ إلى أمثلةٍ من فصيح الكلامِ؛ ومتابعةُ الطَّريق التي رسمَها أئمة البلاغةِ في تتبُّع كلام البلغاء لاستخراجِ فنونٍ بلاغيَّةٍ جديدةٍ مُستنبطَةٍ من كلامِ العرب وأساليبهم، جاريةٍ على منهج علمائِنا في التَّتبُّع والتَّهَدِّي إلى الأسرارِ البلاغيَّة، لإتمامِ ما بنوا وتشييد ما امتهدوا.
ومنها: أنَّ نظريَّةَ القرائن تُقدِّمُ منهجًا مُتكامِلًا في فهم الكلامِ وتحليله، لا يُهمل النَّصَّ نفسَه في سياقه الضَّيِّيـِّقِ والواسعِ ليتعلَّقَ بأهدابِ ما يُحيطُ به، ولا يُسْقِطُ المُتكلِّمَ أو المُبْدِعَ وأثرَه في الدِّلالة على المقصودِ، ولا يُغْفِلُ السَّامِعَ أو المُتلقيَ وأثره في فهم الخِطاب، ولا ينسى ما يحتفُّ بهما من الأحوالِ.
ومنها: بيانُ وَجْهِ الاستفادةِ من كُلِّ مَرْحلةٍ من مراحل التَّأْليف البلاغيِّ، وحدودِ الانتفاعِ بكتُب ذلك التُّراث البلاغيِّ، ولا سيَّما المرحلةِ المتأخِّرةِ منه، وهي ما باتَ يُعْرَفُ بالمدرسة السَّكَّاكيَّةِ، وذلكَ لرفعِ ما نالها من الأَذى والضَّيْم ممَّن لم يتبصَّر بمؤلفاتها، ولم يدرِ غاياتِ تأليفها، فتطلَّبَ منها ما لَيْسَ فيها، وهي كُتُبٌ أخصُّ ما يُميِّيـِّزُها تفسيرُ المصطلحاتِ البلاغيَّةِ الواردةِ في كلامِ الأقدمين وتحليلُها، تلك المصطلحات التي يكتفي المُتقدِّمون بالإشارة إليها بالرَّمز والإيماء دون التَّفْصيل والبيان.
واعترضَتْني في هذا البحثِ صُعوباتٌ: أبرزُها: تفلُّتُ مصطلحِ القرائنِ من التَّقْييد وتأبِّبـِّيه على التَّحْديد؛ لأنَّ دلالته عقليَّةٌ لا تنضبط كالدِّلالاتِ الوضعيَّةِ، والتَّعْبيرُ عنه بمرادفاتٍ كثيرةٍ جعلَتِ الإمساك به صَعْبًا في كثيرٍ من مواضع الاستفادةِ منه، ولاسيَّما في كلامِ الأقدمين، فأحوجَ ذلكَ إلى الكشفِ عن معنى كُلِّ مُرادِفٍ له؛ لبيانِ صلتِه به ووَجْهِ استعمالِه في موضعِه والفَرْقِ بينهما بالزِّيادة والنَّقْصِ فيما يدلُّ عليه، وفيما يدخل تحت مفهومه من جوانب القرائن.
ومنها: اتِّساع المجالاتِ التي ظهرَتْ فيها آثارُ القرائنِ، كالنَّحْو والبلاغةِ والنَّقْدِ والأدبِ والتَّفْسيرِ والفقهِ وأصولِه، فكان لا بُدَّ من النَّظَرِ في تلك المجالات، للوقوفِ على المفهوم الصَّحيح لهذه النَّظَريَّة، ومعرفةِ وجوه عملِها في هذه الميادين، لبيانِ مدى استفادةِ البلاغة منها، ويَقْوى ذلك إذا عُرِفَ أنَّ مُصطلَح القرينةِ يغلِبُ أنَّه دخل إلى البلاغةِ من تلك الميادين.
ومن تلكَ الصُّعوباتِ: مصادِرُ تحريرِ تلك المصطلحاتِ، أعني بذلكَ كُتُبَ متأخِّري البلاغيين لما فيها من علومٍ غيرِ علمِ البلاغةِ، وهي ضروريَّةٌ للضَّبْطِ والتَّحْديد، لكنَّها مُحْوِجةٌ إلى ثقافةٍ متنوعةٍ وعلومٍ مختلفةٍ، وطَبَعاتُ أكثرِها قديمةٌ محتاجةٌ إلى ضبطٍ وتحقيقٍ وزيادةِ تأمُّلٍ وصبرٍ لاستخراج ما فيها.
وجرى البحثُ على المَنْهَج الوصفيِّ التَّحْليليِّ في استقراءِ المادَّةِ من مصادرِها، ودراستها دراسةً تحليليَّةً، تقوم على مناقشتِها ونقدِها ببيان ما فيها من وُجوهِ الصِّحَّة والخطلِ، واعتُمِد على المنهج التاريخيِّ في تتبُّع تعريفاتِ القرينة، وبيان استفادةِ اللَّاحق من السَّابق، والبحثِ عن جذور هذا المصطلحِ، والمراحل التي مرَّ بها، وتاريخ كل لفظٍ استُعمل كنايةً عنه، وكذلك في كُلِّ تفصيلٍ لجانبٍ من جوانب هذه النَّظريَّةِ، والوقوف على السَّابقِ في تطبيقٍ من تطبيقاتها، وكذلك استفيد منه في تحقيق الآراء ومعرفةِ أصلها الذي صدرَتْ عنه أوَّلَ ما صدرَتْ، وعُوِّل على منهجِ القرائن في تحليل الأمثلةِ البلاغيَّةِ، واستخراجِ أمثلةٍ من كلامِ الفُصحاء على بعض ما لم يُمثِّل له البلاغيون في كتبهم.
ومن منهج البحثِ التَّوسُّع في المصادر إلى غير البلاغةِ من علوم العربيَّةِ كالنحو والأدب، وإلى كتب التَّفْسير وعلوم القرآن؛ لأنَّها جذورٌ وامتدادٌ لعلمِ البلاغة، ولأنَّ ارتيادَ تلك الميادين يقِفُ الباحثَ على تطبيقات لنظريَّة القرائن لا يكاد البلاغيون يُلمُّون بها، فتكون روافدَ لهذه النظريَّة، وفوائد لهذا العلم، تفتحُ حدودَه وتوسِّعُ آفاقَه؛ لأنَّ ابتناء النَّظريَّة على تلك الجوانبِ الواسعةِ، سيجعلُ منها أداةً تنقلُ معطيات تلكَ العلوم وتطبيقاتِها إلى علم البلاغةِ، ولا سيَّما إذا كانَتْ تلك التَّطْبيقاتُ قائمةً على أُسسٍ بلاغيَّةٍ في أوَّلِ أمرِها، ثمَّ نمَتْ وأينعَتْ، فمن حَقِّ البلاغةِ أنَّ يُعاد إليها من جنى ما أعطَتْ.
ومن منهج البحث تحقيقُ الأقوال وردُّها إلى أصحابها، ما مكَّنتِ المصادر من ذلك، وتحريرُ النُّصوص المُعوَّل عليها في الدِّراسة، والاعتمادُ على الأقدم منها سعياً للتأصيل في كُلِّ مسألة، إلَّا أن تكون عبارة المُتأخِّر أجلى وأكشفَ عمَّا يُستشهَد بها عليه، فإنها تُقدَّم، مع الحوالة على المُتقدِّم؛ للتَّنبيه على الأصل الذي صدر عنه.
والدِّراساتُ السَّابقة في هذا البابِ على ثلاثةِ أضرُبٍ: دراساتٌ في ميدان العلوم الشَّرعيَّة كأصولِ الفقهِ، وتلك لها تطبيقاتُها المُختلفةُ عن هذا البحث، لاختلاف الغايةِ، وتلتقيه في بعضِ المادَّة النَّظريَّةِ كالتَّعْريف والتَّقْسيم مع شيءٍ من خصوصيتها فيهما، وقد أفدْتُ منها ما وجدْتُ الإفادة مُمكنةً، وأشرْتُ إلى ذلك في موضعِه؛ ودراساتٌ استعملَتِ القرينةَ في غير ما نحن فيه، كمؤلَّفات الدكتور تمَّام حسَّان ومن تابَعه، وخُصَّ الكلامُ عليها بمبحثٍ من هذه الدِّراسةِ؛ ودراسةٌ واحدةٌ في ميدان البلاغةِ العربية، وعنوانُها: «’العلاقاتُ والقرائنُ في التَّعْبيرِ البيانيِّ»‘، أُفْرِدَ البابُ الثَّاني منها للكلام على القرائن في علم البيان، وجُعِلَ في فصلين: الأوَّلُ للقرينةِ ووظيفتِها البيانيَّة، تعرَّض فيه صاحبها لبعضِ تعريفاتِ القرينة، ووظائفها في فنونِ علم البيان؛ والثَّاني لأنواعها، واختار أن تكون لفظيَّةً ومعنويَّةً. والكلام في الفصلين مقتضَبٌ جدًّا، يستعرِض فيه ما جاء عن ذلك في علم البيان، مع بعض المناقشات الحسنةِ، مُقتصرًا على أمثلةِ مصادره، لا يكادُ يخرج عما كُتبَ عن القرينةِ في ذلك العلم، لذا فاتته تعريفاتُ القرينةِ المذكورةُ في غيرِ علم البيان، ولم يتعرَّض لتاريخ هذا المصطلح ولا لما يُرادفُه من ألفاظٍ، ولم يتعرَّض لقرينةِ السِّياق وأثرها في مباحث علم البيان، وقلَّما شارك في تحليل مِثالٍ أو الزِّيادة على كلام القدماء في تحليله أو استدراك بعض قرائنه عليهم.
ولاختيارِ هذا البحثِ أسبابٌ: منها: أنَّ ما كُتِبَ عن القرائن لا يكادُ يَسْعَى إلى ذلك التَّأْصيل الدَّقيق، والنَّظَرِ الشَّاملِ الذي يحلُّ ما يعرِضُ لجوانبِ هذه النَّظريَّةِ من مُشكلاتٍ، وأنَّ تلك البحوث خلَتْ من دراسةٍ تعرِضُ لعلم المعاني الذي يتجلَّى فيه أثرُ القرائنِ غايةَ التجلِّي.
ومنها: حاجةُ دارسي البلاغةِ إلى منهج عربيٍّ أصيلٍ يُمكِنُ به تحليلُ الكلام العربيِّ، وتطويرُ علم البلاغةِ بفَحْصِ أمثلةِ البلاغيين في فنونِها، وتحليلِ تلكَ الأمثلةِ باستحضارِ سياقاتِها وما يحتفُّ بها من مقاماتٍ وأحوالٍ، ليكونَ ذلكَ أعونَ على إدراك الأسرار البلاغيَّة المُودَعةِ فيها؛ ويمكنُ به الاستزادةُ من أمثلةِ بعضِ الفنونِ التي شحَّتْ أمثلتُها في كُتُب البلاغة، أو افتقرَتْ إلى أمثلةٍ من فصيح الكلامِ؛ ومتابعةُ الطَّريق التي رسمَها أئمة البلاغةِ في تتبُّع كلام البلغاء لاستخراجِ فنونٍ بلاغيَّةٍ جديدةٍ مُستنبطَةٍ من كلامِ العرب وأساليبهم، جاريةٍ على منهج علمائِنا في التَّتبُّع والتَّهَدِّي إلى الأسرارِ البلاغيَّة، لإتمامِ ما بنوا وتشييد ما امتهدوا.
ومنها: أنَّ نظريَّةَ القرائن تُقدِّمُ منهجًا مُتكامِلًا في فهم الكلامِ وتحليله، لا يُهمل النَّصَّ نفسَه في سياقه الضَّيِّيـِّقِ والواسعِ ليتعلَّقَ بأهدابِ ما يُحيطُ به، ولا يُسْقِطُ المُتكلِّمَ أو المُبْدِعَ وأثرَه في الدِّلالة على المقصودِ، ولا يُغْفِلُ السَّامِعَ أو المُتلقيَ وأثره في فهم الخِطاب، ولا ينسى ما يحتفُّ بهما من الأحوالِ.
ومنها: بيانُ وَجْهِ الاستفادةِ من كُلِّ مَرْحلةٍ من مراحل التَّأْليف البلاغيِّ، وحدودِ الانتفاعِ بكتُب ذلك التُّراث البلاغيِّ، ولا سيَّما المرحلةِ المتأخِّرةِ منه، وهي ما باتَ يُعْرَفُ بالمدرسة السَّكَّاكيَّةِ، وذلكَ لرفعِ ما نالها من الأَذى والضَّيْم ممَّن لم يتبصَّر بمؤلفاتها، ولم يدرِ غاياتِ تأليفها، فتطلَّبَ منها ما لَيْسَ فيها، وهي كُتُبٌ أخصُّ ما يُميِّيـِّزُها تفسيرُ المصطلحاتِ البلاغيَّةِ الواردةِ في كلامِ الأقدمين وتحليلُها، تلك المصطلحات التي يكتفي المُتقدِّمون بالإشارة إليها بالرَّمز والإيماء دون التَّفْصيل والبيان.
واعترضَتْني في هذا البحثِ صُعوباتٌ: أبرزُها: تفلُّتُ مصطلحِ القرائنِ من التَّقْييد وتأبِّبـِّيه على التَّحْديد؛ لأنَّ دلالته عقليَّةٌ لا تنضبط كالدِّلالاتِ الوضعيَّةِ، والتَّعْبيرُ عنه بمرادفاتٍ كثيرةٍ جعلَتِ الإمساك به صَعْبًا في كثيرٍ من مواضع الاستفادةِ منه، ولاسيَّما في كلامِ الأقدمين، فأحوجَ ذلكَ إلى الكشفِ عن معنى كُلِّ مُرادِفٍ له؛ لبيانِ صلتِه به ووَجْهِ استعمالِه في موضعِه والفَرْقِ بينهما بالزِّيادة والنَّقْصِ فيما يدلُّ عليه، وفيما يدخل تحت مفهومه من جوانب القرائن.
ومنها: اتِّساع المجالاتِ التي ظهرَتْ فيها آثارُ القرائنِ، كالنَّحْو والبلاغةِ والنَّقْدِ والأدبِ والتَّفْسيرِ والفقهِ وأصولِه، فكان لا بُدَّ من النَّظَرِ في تلك المجالات، للوقوفِ على المفهوم الصَّحيح لهذه النَّظَريَّة، ومعرفةِ وجوه عملِها في هذه الميادين، لبيانِ مدى استفادةِ البلاغة منها، ويَقْوى ذلك إذا عُرِفَ أنَّ مُصطلَح القرينةِ يغلِبُ أنَّه دخل إلى البلاغةِ من تلك الميادين.
ومن تلكَ الصُّعوباتِ: مصادِرُ تحريرِ تلك المصطلحاتِ، أعني بذلكَ كُتُبَ متأخِّري البلاغيين لما فيها من علومٍ غيرِ علمِ البلاغةِ، وهي ضروريَّةٌ للضَّبْطِ والتَّحْديد، لكنَّها مُحْوِجةٌ إلى ثقافةٍ متنوعةٍ وعلومٍ مختلفةٍ، وطَبَعاتُ أكثرِها قديمةٌ محتاجةٌ إلى ضبطٍ وتحقيقٍ وزيادةِ تأمُّلٍ وصبرٍ لاستخراج ما فيها.
وجرى البحثُ على المَنْهَج الوصفيِّ التَّحْليليِّ في استقراءِ المادَّةِ من مصادرِها، ودراستها دراسةً تحليليَّةً، تقوم على مناقشتِها ونقدِها ببيان ما فيها من وُجوهِ الصِّحَّة والخطلِ، واعتُمِد على المنهج التاريخيِّ في تتبُّع تعريفاتِ القرينة، وبيان استفادةِ اللَّاحق من السَّابق، والبحثِ عن جذور هذا المصطلحِ، والمراحل التي مرَّ بها، وتاريخ كل لفظٍ استُعمل كنايةً عنه، وكذلك في كُلِّ تفصيلٍ لجانبٍ من جوانب هذه النَّظريَّةِ، والوقوف على السَّابقِ في تطبيقٍ من تطبيقاتها، وكذلك استفيد منه في تحقيق الآراء ومعرفةِ أصلها الذي صدرَتْ عنه أوَّلَ ما صدرَتْ، وعُوِّل على منهجِ القرائن في تحليل الأمثلةِ البلاغيَّةِ، واستخراجِ أمثلةٍ من كلامِ الفُصحاء على بعض ما لم يُمثِّل له البلاغيون في كتبهم.
ومن منهج البحثِ التَّوسُّع في المصادر إلى غير البلاغةِ من علوم العربيَّةِ كالنحو والأدب، وإلى كتب التَّفْسير وعلوم القرآن؛ لأنَّها جذورٌ وامتدادٌ لعلمِ البلاغة، ولأنَّ ارتيادَ تلك الميادين يقِفُ الباحثَ على تطبيقات لنظريَّة القرائن لا يكاد البلاغيون يُلمُّون بها، فتكون روافدَ لهذه النظريَّة، وفوائد لهذا العلم، تفتحُ حدودَه وتوسِّعُ آفاقَه؛ لأنَّ ابتناء النَّظريَّة على تلك الجوانبِ الواسعةِ، سيجعلُ منها أداةً تنقلُ معطيات تلكَ العلوم وتطبيقاتِها إلى علم البلاغةِ، ولا سيَّما إذا كانَتْ تلك التَّطْبيقاتُ قائمةً على أُسسٍ بلاغيَّةٍ في أوَّلِ أمرِها، ثمَّ نمَتْ وأينعَتْ، فمن حَقِّ البلاغةِ أنَّ يُعاد إليها من جنى ما أعطَتْ.
ومن منهج البحث تحقيقُ الأقوال وردُّها إلى أصحابها، ما مكَّنتِ المصادر من ذلك، وتحريرُ النُّصوص المُعوَّل عليها في الدِّراسة، والاعتمادُ على الأقدم منها سعياً للتأصيل في كُلِّ مسألة، إلَّا أن تكون عبارة المُتأخِّر أجلى وأكشفَ عمَّا يُستشهَد بها عليه، فإنها تُقدَّم، مع الحوالة على المُتقدِّم؛ للتَّنبيه على الأصل الذي صدر عنه.
والدِّراساتُ السَّابقة في هذا البابِ على ثلاثةِ أضرُبٍ: دراساتٌ في ميدان العلوم الشَّرعيَّة كأصولِ الفقهِ، وتلك لها تطبيقاتُها المُختلفةُ عن هذا البحث، لاختلاف الغايةِ، وتلتقيه في بعضِ المادَّة النَّظريَّةِ كالتَّعْريف والتَّقْسيم مع شيءٍ من خصوصيتها فيهما، وقد أفدْتُ منها ما وجدْتُ الإفادة مُمكنةً، وأشرْتُ إلى ذلك في موضعِه؛ ودراساتٌ استعملَتِ القرينةَ في غير ما نحن فيه، كمؤلَّفات الدكتور تمَّام حسَّان ومن تابَعه، وخُصَّ الكلامُ عليها بمبحثٍ من هذه الدِّراسةِ؛ ودراسةٌ واحدةٌ في ميدان البلاغةِ العربية، وعنوانُها: «’العلاقاتُ والقرائنُ في التَّعْبيرِ البيانيِّ»‘، أُفْرِدَ البابُ الثَّاني منها للكلام على القرائن في علم البيان، وجُعِلَ في فصلين: الأوَّلُ للقرينةِ ووظيفتِها البيانيَّة، تعرَّض فيه صاحبها لبعضِ تعريفاتِ القرينة، ووظائفها في فنونِ علم البيان؛ والثَّاني لأنواعها، واختار أن تكون لفظيَّةً ومعنويَّةً. والكلام في الفصلين مقتضَبٌ جدًّا، يستعرِض فيه ما جاء عن ذلك في علم البيان، مع بعض المناقشات الحسنةِ، مُقتصرًا على أمثلةِ مصادره، لا يكادُ يخرج عما كُتبَ عن القرينةِ في ذلك العلم، لذا فاتته تعريفاتُ القرينةِ المذكورةُ في غيرِ علم البيان، ولم يتعرَّض لتاريخ هذا المصطلح ولا لما يُرادفُه من ألفاظٍ، ولم يتعرَّض لقرينةِ السِّياق وأثرها في مباحث علم البيان، وقلَّما شارك في تحليل مِثالٍ أو الزِّيادة على كلام القدماء في تحليله أو استدراك بعض قرائنه عليهم.
المجموعة | مكتبة الرسائل الجامعية العالمية |
الناشر | دار النوادر |
عنوان الناشر | دمشق |
سنة النشر (هجري) | 1433 |
سنة النشر (ميلادي) | 2012 |
رقم الطبعة | 1 |
نوع الورق | كريم شاموا |
غراماج الورق | 70 |
مصدر الورق | ياباني |
قياس الورق | 17 × 24 |
عدد المجلدات | 1 |
عدد الصفحات | 876 |
الغلاف | فني |
ردمك | 9789933482336 |
تأليف/تحقيق | تأليف |
تصنيف ديوي |
تحميل
كلمات مفتاحية
روابط مفيدة
شكررررررررررررررررررررررررررررررررررررررا