لما كان الألوف من ناشئة العصر وأدبائه يتورّدون موارد الفصاحة، ويتشوق كل أن يكون له في حلبة الكتابة سبق الرجاحة، ويود أن تخرج معانيه بحلل من اللفظ ذات ملاحة، وأن يلبي اليراع خاطره تلبية السماحة، فأقبلوا على مطالعة الكتب والصحائف، وأكبّوا على قراءتها والتقاط ما بها من اللطائف.
وقد نبغ بالأطراف من يراسلونها بالمقالات المستظرفة، وظهر بين أظهرنا من ينشرون فيها الرسائل المستلطفة، وقام في نفوسٍ نزاع إلى ركض قرائحهم في هذا المضمار، وتلظت في أفئدة لواعج وجد لنيل هذه الأوطار، فهالهم قَصاء الطريق ووعورته.
ولما كانت الكتابة قد نظمتني في عداد خدامها، وجعلتني الأيام من أرباب أقلامها، وتبينت ما يعترض سبيل الكاتب من المهاوي والعقبات، انبرت بي النخوة الأدبية، إلى نشر كتاب يرد المعدم من الأدباء غنياً، ويفتح لمن يشتهي نشر المقالات في الجرائد أبواب البلاغة، ويهيئ للقلم في كل باب مساغه.
وقد بوبته تبويباً يجمع بين الطالب وطلبته، وذلك أنه يتسنى به للكاتب أن يطلب غرضه في الباب الذي يكتب فيه، وقد قسمته إلى ثلاثة أجزاء:
الجزء الأول: يحتوي فقراً للبلغاء في أكثر أبواب الكتابة.
الجزء الثاني: في المتضادات.
الجزء الثالث: في القيود والأمثال.
وألحقته بأبواب جمعت في كل منها ما تبدد في تضاعيف التصانيف من الأفعال والصفات المختصة بالشيء الواحد، إلى سائر ما وضع له من الكلم عند أهل هذا اللسان العربي.