كن ابن من شئت واكتسب أدباً    يغنيك محموده عن النسب
إن الفـتى مـن يقـول هـا أنـذا    ليس الفتى من يقول كان أبي
لقد خلّف لنا أسلافنا الأمجاد من التراث العربي المكتوب ما يفخر به الفكر الإنساني على مدى العصور، وما يزال هذا التراث مخطوطاً لا تصل إليه الأيدي، ولا تتغذى به العقول، بالرغم من توفر الآلة العصرية المتطورة، ذات الفعاليات التقنية السريعة المذهلة العجيبة، فاستُغني بالآلة عن مهارة الإنسان، ودخلت الطاقة كل المجالات الحيوية، وغزت أعماق الأرض والبحار والكواكب في الفضاء.
وثبت أن المخطوطات هي أمهات الكتب، التي هي أساسٌ من أسس تقدم الأمة العربية والإسلامية، تستوحي منها عبقريتها، وتستمد من إبداعها القوة والعزة.
انطلاقاً من هذا المبدأ، عزم محقق الديوان أن يقدِّم هذا النتاج من تراثنا الشعري وفاء منه وعهداً قطعه على نفسه بنقله بصدق وأمانة من السلف إلى الخلف، واضعاً إياه باعتزاز وفخر لبنة جديدة في صرح الموسوعة والثقافة العربية والإسلامية الحضارية، خدمة للفكر الإنساني، ومساهمة بالكشف عن نتاج مؤلفيها، وعظمة مكانتهم كعلامات ومشاعل نور في العصور المتتالية على دروب تطلعات الأجيال القادمة، وطموحات أمانيهم.
وإن أخلص الأصدقاء وأوفاهم من يفيد ولا يخسر، ألا وهو الكتاب، الذي يحتوي بضمنه على ما يغذي الروح، ويجلو عن العقل والنفس غشاوة صدأ الحيرة والكآبة والملل، يعطي ولا يأخذ، فيقيناً إنه خير نديم وأوفى قرين، فيجب على كل رب أسرة أن يتحف مكتبته ونفسه بملكة حب التثقيف والقراءة، لمواكبة أحداث وتطور الحياة.