دار النوادر
دار النوادرFacebookTwitterLinkedInGoogle
التأويل النحوي في الحديث الشريف
التأويل النحوي في الحديث الشريف
علم الحديث الشريف بعد القرآن الكريم هو أفضل العلوم، وأعلاها منزلة؛ لأنَّـه وحيٌ من الله عز وجل، مكمِّـل لدينـه، متمِّم لشرعـه، ولا غنى لمسلم عن فهمه واتباعه، فهـو الأصل الثاني من أصول التشريع الإسلامي بعـد القرآن الكريم، وهـو إمَّا مؤكِّد لحكم جاء فيه، أو مبيـِّن ومفصِّل له، أو مشرِّع لحكم جديد لم يرد فيه. وإنَّ أعلى العلماء قدراً وأعظمهم منزلة هم علماء الحديث، ولا يجوز العدول عنهم في النقل إلى غيرهم.
وألِّفـت في الحديث الشريـف كتبٌ كثيرة، فلا يكاد كاتب يكتب أو يؤلِّف مؤلَّفاً في التشريع الإسلامي إلا اعتمد على الحديث الشريف، بل إنَّ جزءاً كبيراً ممَّا كتب في القرآن الكريم هو مشترك بينه وبين الحديث الشريف، لكنَّ أصحاب هذه المؤلفات وجَّهوا عنايتهم إلى جانب التشريع الإسلامي أكثر منها إلى الجانب اللغوي والنحوي.
والمتتبع لمؤلفـات علم النـحو يجـدها فقيرة في الاعتماد عليه إذا ما قيس بالاعتماد على القرآن الكريم والشعر، ولا شكَّ أنَّهم فوَّتوا فرصة الإفادة من هذه النصـوص النثريـة التي لم يبالغ الرافعي عندما وصف فصاحة صاحبها صلى الله عليه وسلم بقوله: ’ولا نعلم أنَّ هذه الفصاحة قد كانت له صلى الله عليه وسلم إلا توفيقاً من الله وتوقيفاً، إذ ابتعثه للعرب وهم قومٌ يقادون من ألسنتهم‘.
ولو اعتمد النحويون على الحديث الشريف في رصد التراكيب والأساليب بقدر اعتمادهم على الشعر لحصلوا على وافر منها ولسدُّوا جانباً من ثغرات استقرائهم غيـر التـام، مع أن لغة النثـر أولى من لغـة الشعـر في تقعيد القواعد؛ إذ النثر لغة العموم، والشعر لغة الخصوص.
وجذب هذا الجانـب من موضوعـات اللغـة العربيـة ـ أعني: لغة الحديث الشريف والاحتجاج بهـا ـ نظرَ الباحثـين المعاصرين، وأثار عنايتهم، فكتبوا عنه دراسات وبحوثاً مستقلة.
وفضلاً عن هذا دأب الباحثون على دراسة تراكيبه وأساليبه، وقدموا مؤلفات مثل: (بناء الجملة في الحديث النبوي الشريف)، للدكتور عودة خليل أبي عودة، و(الجمـلة الفعلية في صحيـح البخاري) للأُستاذ محمد هادي محمد، و(القضايا النحوية في كتب الحديث وإعرابه)، للدكتور سليمان القضاة.
وكان قد لفت انتباهي عند دراسة النحو العربي وتدريسه لجوءُ النحويين المفرط إلى التأويل في غير ما ضرورة تدعوهم إليه، في حين يقول النحويون: إن التأويل لا يُلجأ إليه إلاَّ عند الضرورة.
ومن أجـل هذا آثرت أن يكـون موضـوع أُطروحتي دراسـة قضية (التأويل النحوي)، متخـذاً من الحديـث الشريف ميداناً تطبيقياً لذلك؛ إذ يدخل ذلك في مجال دراسة أساليب الحديث الشريف وتراكيبه، فصار عنوان الأطروحة: (التأويل النحوي في الحديث الشريف)، ويشفع لي في اختيار هذا الموضوع حبـِّي الكبير لهذين العِلْمين، وهما الحديث الشريف واللغة العربية، سائلاً المولى عز وجل إخلاصَ النيَّة في خدمة دينه ولغة كتابه.
وشمـل البحث أربعـة فصول من مظاهر التأويل هي: (التأويل بالحذف)، و(التأويل بالزيادة)، و(التأول بالتضمين)، و(حمل بعض الأدوات على بعض).
وكانـت فكرة البحـث تدور حول دراسة قضية التأويل النحوي في (شروح صحيح البخاري)؛ لإجماع أئمة هذا العلم على أنَّه أصحُّ كتاب بعد كتاب الله عز وجل، يزاد على ذلك أن العلمـاء اعتنوا بـه عناية كبيـرة فشرحـوه وضبطوه وأعربـوه، واعتمدت في نقل النصوص منـه على النسخة اليونينية، وهي النسخة التي عرضت على ابن مالك، وقرئت أمام جمع من العلماء.
وعندما قرأت كتاب (إعراب الحديث النبوي الشريف) لأبي البقاء العُكْبَري (ت: 616ﻫ)، وكتاب (شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح) لابن مـالك (ت: 672ﻫ)، وكـتاب (عقود الزبرجـد على مسنـد الإمـام أحمـد) للسيـوطي (ت: 911ﻫ)؛ آثرت أن أدخـل هـذه الكتب مع الشروح؛ إذ إنَّ فكرة تأليفها قائمة على توجيه الحديث، ولفظ (التوجيه) يطلق ويراد منه ما يراد من لفظ (التأويل)، وإنَّ قضية التأويل واضحة في هذه الكتب، واستعنت بكتاب (مشارق الأنوار على صحاح الآثار) للقاضي عياض (ت: 544ﻫ)، وكتاب (مبارق الأزهار على مشارق الأنوار) لابن الملك (ت: 797ﻫ).
وبناءً على ما تقدم اتخذت الأطروحة ثلاثة جوانب:
الأول: الأحاديث الشريفة التي تمثل الجانب التطبيقي.
الثاني: قواعد النحويين وآراءهم التي تمثل الجانب النظري.
الثالث: محاولة الربط بين الجانبيـن: التطبيـقي، والنظـري، ونتـائج هذا الربط، فهو إمَّا أن يكون موافقـاً للقاعدة النحوية فيعزِّزها ويقوِّيها، وإمَّا أن يكون مخالفاً لها فيحتاج الأمر إلى تأويل وتوجيه.
واقتضى منهج الأطروحة تقسيمها على تمهيد، وأربعة فصول.
تحدثت في التمهيد عن التعريف بمصطلح (التأويل النحوي)، وعناية النحويين بـ (التأويل)، ثم تحدثت عن ألفاظه وأسبابه مع التمثيل لذلك من الحديث الشريف، ثم عرَّجت على بيان عناية النحويين بالتأويل ابتداءً بسيبويه، ثم الفرَّاء، ثم المبرِّد، ثم السُّهيلي، ثم ابن مَضَاء القرطبي، واستطردت في الكلام عليه؛ لما له من رأي مخالف للجمهور، ثم أردفت الحديـث عن أبي البقـاء العُكبـري، وابـن مالك، والسيوطي؛ لما لكتبهم من أهمية في إعراب الحديث الشريف وتأويله.
وخصَّصـت الفصل الأول للحديث عن المظهر الأول من مظاهر التأويل، وهو: (التأويل بالحذف)، وهو موضوع واسع اضطررت بسبب سعته إلى تقسيمه على ثمانية مباحث:
ففـي المبـحث الأول تكلمـت على الحـذف فـي بـاب المبتـدأ والخبـر، ونواسخهما.
وفي المبحث الثاني تكلمت على الحذف في باب الفاعل.
وأمَّا المبحث الثالث فتكلمت فيه على الحذف في باب المنصوبات الاسمية.
وفي المبحث الرابع تحدثت عن الحذف في باب الإضافة، والجرِّ بالحرف.
وذكرت في المبحث الخامس الحذف في باب التوابع.
وأمَّا المبحث السادس فخصَّصته للحديث عن الحذف في مباحث الشرط.
وأمَّا المبحث السابع فتكلمت فيه على الحذف في مسائل الفعل المعرب.
وخصَّصـت المبـحث الثامن للحديث عن الحذف في الأساليب النحوية، وهي: الاستفهام، والقَسَم، والنفي.
وأمَّا الفصل الثاني فخصَّصته للكلام على المظهر الثاني من مظاهر التأويل، وهو: (التأويل بالزيادة)، وقسَّمته على خمسة مباحث:
فالمبحث الأول ذكرت فيه زيادة حروف الجرِّ.
والمبحث الثاني تكلمت فيه على زيادة (ما) و(لا) النافيتين.
والمبحث الثالث تحدثت فيه عن زيادة (الفاء).
والمبحث الرابع ذكرت فيه زيادة (أنْ).
والمبحث الخامس تكلمت فيه على زيادة (كان).
وأمَّا الفصل الثالث فتحدثت فيه عن المظهر الثالث من مظاهر التأويل وهو: (التضمين) في الحديث، فقسمت الفصل على مبحثين:
تكلمت في المبـحث الأول على نيابـة حروف الجرِّ بعضـِها عن بعض في الحديث الشريف.
وفي المبحث الآخر تكلمت على تضمين فعل معنى فعلٍ آخرَ في الحديث الشريف.
وأمَّا الفصل الرابع فقد خصصته للكلام على حمل بعض الأدوات على بعض.
وفي الخاتمـة استخلصت نتـائج هذا البحث المتواضع، ولا أدَّعي أني قد أدركت ما قصدت إليه، ولكن هذا ما وصل إليه علمي ووقف عنده جهدي، وإنِّي إن قصرتُ في شيء فضعفٌ ساقَهُ العجزُ إليَّ، وإن قاربت فمن فضل الله تعالى عليَّ، والله ولي التوفيق.
ولا يسعني إلاَّ أن أتقدم بالشكر الجزيل، والامتنان الكبير، لأستاذي الدكتور طه محسن، الذي ما فتئ يتفضل عليَّ بتوجيهاته السديدة، وإرشاداته القيـِّمة لمدِّة عشر سنوات؛ إذ كان مشرفاً عليَّ في إعداد رسالة الماجستير أيضاً، وكان وقَّافاً عند كل فِقْرة من فِقر البحث، مدقِّقاً فيها، ومتابعاً لي في المصادر والمراجع التي أفدت منها، فجزاه الله تعالى عني خير ما يجازي أستاذاً عن تلميذه، كما أتقدم بالشكر إلى كل من مدَّ يَـدَ العون لي في إتمـام هـذه الأطروحـة، وأخصُّ منهم شيخي وأخي وصـديقي الشيخ عمر مكي، وأخي الدكتور محمَّد خضيَّر الزّوبعي، فجزاهما الله عني بالخيرات.
وأتقدَّم بخالص الشُّكر والتَّقدير للسَّادة أعضاء لجنة المناقشة الَّذين تجشَّموا عناء الحضور لمناقشة هذه الأطروحة في مثـل هذا الظرف العصيب، وأمتن سلفاً بمنِّهم عليَّ في إعطاء الملاحظات والتصويبات النَّافعة من أجل تقويم الأطروحة، فجزاهم الله عنِّي كُلَّ خير، وصلِّ اللَّهمَّ على نبيـِّنا محمِّد وعلى آله وصحبه وسلِّم.
   المجموعةمكتبة الرسائل الجامعية العالمية
   الناشردار النوادر
   عنوان الناشردمشق
   سنة النشر (هجري)1433
   سنة النشر (ميلادي)2012
   رقم الطبعة1
   نوع الورقكريم شاموا
   غراماج الورق70
   عدد المجلدات1
   الغلاففني
   ردمك9789933459932
   تأليف/تحقيقتأليف
   تصنيف ديوي
USD16
https://daralnawader.com/التأويل-النحوي-في-الحديث-الشريف
 تحميل
 كلمات مفتاحية
 تعليقات الزوار
KALED: 

merci beaucoup

2014-05-20 11:48:41 am
خالد مسعودي: 

نشكر لكم خدماتكم الجليلة للغة القرآن الكريم

2014-05-20 11:48:41 am
saeed: 

شكراً

2014-05-20 11:48:41 am
A R W: 

THANKS

2014-05-20 11:48:41 am
أبوبدر: 

شكرا

2014-05-20 11:48:41 am
اسم المستخدم
كلمة المرور
 مشاركة